الخشب يدخل عالم الطب: غرسات خشبية قد تُحدث ثورة في علاج كسور العظام


اعلان

في تطور علمي مثير يحمل إمكانيات كبيرة لتحسين حياة المرضى حول العالم، يعمل فريق من العلماء في معهد لاتفيا الحكومي للكيمياء على تطوير غرسات خشبية متينة يمكن أن تحل محل المعادن التقليدية المستخدمة في تعزيز العظام البشرية. وإذا نجحت هذه التجربة، فقد يصبح الخشب المادة المفضلة للتطبيقات الطبية المستقبلية، مما يفتح آفاقًا جديدة في مجال الطب الحيوي.

الهدف: تقريب الخصائص الميكانيكية

يهدف المشروع إلى إنشاء غرسات خشبية ذات توافق بيولوجي عال وخصائص ميكانيكية مشابهة لتلك الموجودة في العظام البشرية. وعلى الرغم من ليونة الخشب مقارنة بالمعادن، فإن الباحثين يستخدمون تقنيات متقدمة مثل غلي الخشب وتكثيفه لإنتاج مادة صلبة ومتينة تناسب الاستخدام الطبي.

يقول الطبيب المختص في الجراحة الدقيقة فاديمز نيفيودوف: “المعيار السائد حاليًا هو استخدام الغرسات المعدنية. ومع ذلك، فقد تسبب هذه الغرسات مضاعفات مثل عدم بقاء الغرسة المعدنية في مكانها مع مرور الوقت. في أفضل الحالات، تكون هناك حاجة لإزالتها عبر إجراء عمليات غير ضرورية. لكن ثمة حالات نجد فيها الغرسة تتحرك من مكانها داخل العظم وقد تسبب إصابات في مناطق أخرى كالأوتار. الخشب، من ناحية أخرى، يتمتع بخصائص أقرب إلى العظم مقارنة مع المعدن، مما يجعله خيارًا أكثر انسجامًا مع الجسم.”

تفاعل الغرسات مع الأنسجة العصبية والعظمية

إلى جانب توافقها الميكانيكي، يدرس الفريق كيفية تفاعل الغرسات الخشبية مع الأنسجة العصبية والعظمية المحيطة. فالغرسات المعدنية التقليدية قد تسبب أحيانًا استجابات التهابية أو تفاعلات مناعية تؤثر على الأعصاب المجاورة، مما يزيد من تعقيد التعافي. ومع ذلك، تشير الدراسات الأولية إلى أن المواد الخشبية المطورة تتسبب بدرجة أقل في مثل هذه المضاعفات، ما يجعلها خيارًا واعدًا لعلاج الحالات التي تتطلب اندماجًا دقيقًا بين العظام والأنسجة العصبية.

كيفية تطوير المادة الخشبية

وتشرح الباحثة لورا أندزي العملية التي يتم بها تحضير الخشب لهذه التطبيقات الطبية. “هذه العملية مشابهة للطريقة التي نستخرج بها السليلوز لصنع الورق، ولكننا نستخدم إعدادًا زمنيًا أقصر بكثير”، تقول أندزي. “نحن لا نهدف للحصول على ألياف نهائية، بل فقط لجعل الخشب أكثر ليونة. بعد ذلك، نقوم بضغطه في مكبس ساخن للحصول على مادة صلبة ومتينة.”

تجارب أولية واعدة

ويجري الفريق حاليًا اختبارات لمعرفة مدى توافق المادة الخشبية مع خلايا العظام. وقد أعرب العلماء عن تفاؤلهم بشأن النتائج الأولية، حيث يأملون في الانتقال قريبًا إلى مرحلة التجارب على الحيوانات.

“الفكرة هي أن نشكل مادة تآزرية، تنمو مع العظم وتكون وكأنها جسم واحد، ولا نشعر بها أثناء الاستخدام طوال حياتنا”، يقول الباحث مارتينز أندز. ويضيف: “إذا كانت المسافة بين خيوط البرغي المعدني صغيرة جدًا وكانت الخيوط كثيفة، فإن خاصية الخشب تتطلب وجود انزياح أكبر بين حلقات الخيوط حتى لا يتم التواء الخشب عند الشد أو التدوير، ويكون قادرًا على جذب العظم معًا.”

مستقبل الطب الحيوي

إذا نجح هذا المشروع، فقد يفتح الباب أمام تطبيقات جديدة تمامًا في مجال الطب الحيوي. باستخدام مواد مستخرجة من الموارد المحلية، يمكن أن تكون الغرسات الخشبية أكثر استدامة وأقل تكلفة مقارنة بالمواد المعدنية المستوردة. كما أن توافقها البيولوجي الأفضل مع العظام البشرية وقدرتها على تقليل التفاعلات العصبية قد يقلل من الحاجة إلى عمليات جراحية إضافية وإطالة العمر الافتراضي للغرسة داخل الجسم.

بينما لا يزال المشروع في مراحله الأولى، فإن الجهود المبذولة تعكس التزام العلماء بتقديم حلول مبتكرة لتحسين حياة المرضى. ومع كل خطوة نحو الأمام، يقترب العلم من تحقيق رؤية مستقبلية تجمع بين الطبيعة والتكنولوجيا، حيث يصبح الخشب ليس مجرد مادة بناء تقليدية، بل أيضًا أداة طبية ثورية.



Source link

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *