“الفقر سبب المرض”.. دراسة تكشف ارتباط الضغوط المعيشية بشيخوخة القلب


بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في

كشفت دراسة علمية حديثة أن العوامل الاجتماعية للصحة، وعلى رأسها الضغوط المالية وانعدام الأمن الغذائي، تلعب دوراً محورياً في تسريع الشيخوخة البيولوجية للقلب وزيادة خطر الوفاة، متجاوزة في تأثيرها العديد من عوامل الخطر الطبية التقليدية.

الدراسة نُشرت في دورية “مايو كلينك” Mayo Clinic Proceedings ، سلطت الضوء على الأثر العميق للسياق الاجتماعي والمعيشي في تطور أمراض القلب والأوعية الدموية.

تحوّل في أولويات الرعاية الصحية مع تقدّم العمر

ومع توقع تضاعف عدد الأمريكيين الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً ليصل إلى نحو 82 مليون شخص بحلول عام 2050، أي ما يقارب ربع السكان، باتت أنظمة الرعاية الصحية تركّز بصورة متزايدة على مفهوم الشيخوخة الصحية وجودة الحياة.

وفي هذا السياق، أوضح الباحث الرئيسي في الدراسة الدكتور أمير ليرمان، من قسم طب القلب والأوعية الدموية في مايو كلينك، أن هذا التحول دفع الباحثين إلى البحث عن مؤشرات جديدة للشيخوخة البيولوجية تتجاوز العمر الزمني، نظراً لعدم قدرة عوامل الخطر التقليدية وحدها على تفسير التفاوت الكبير في الإصابة بأمراض القلب.

وأشار ليرمان إلى أن جزءاً كبيراً من خطر أمراض القلب قد يكون مرتبطاً بعوامل اجتماعية لا يتم التطرق إليها عادة أثناء الفحوص الطبية، مثل الضغوط المعيشية أو صعوبة الحصول على الغذاء.

ولفت إلى أن هذه العوامل قد لا تسهم فقط في تسريع الشيخوخة البيولوجية، بل قد تفتح أيضاً الباب أمام تدخلات قادرة على إبطائها أو حتى عكس مسارها.

دراسة واسعة النطاق تعتمد الذكاء الاصطناعي

وشملت الدراسة أكثر من 280 ألف مريض بالغ تلقوا الرعاية في مايو كلينك بين عامي 2018 و2023. واعتمد الباحثون على استبيان شامل لتقييم المحددات الاجتماعية للصحة، شمل جوانب متعددة مثل الضغط النفسي، النشاط البدني، العلاقات الاجتماعية، الاستقرار السكني، الوضع المالي، الأمن الغذائي، احتياجات النقل، التغذية، والتعليم.

ولتقدير العمر القلبي، استخدم الفريق خوارزمية متقدمة لتخطيط القلب الكهربائي مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مكّنتهم من مقارنة العمر البيولوجي للقلب بالعمر الزمني للفرد.

فجوة العمر القلبي كمؤشر خطر مبكر

وأظهرت الدراسة أن ما يُعرف بـ”فجوة العمر القلبي” يُعد مؤشراً بالغ الأهمية لفهم المخاطر القلبية المستقبلية، إذ يشير هذا المصطلح إلى الفرق بين العمر الزمني للشخص والعمر البيولوجي الحقيقي لقلبه.

فعندما يكون القلب “أكبر عمراً” من صاحبه، فهذا يعني أن أنسجته ووظائفه تأثرت بعوامل ضغط وتدهور مبكر، ما يزيد بشكل مباشر من احتمالات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لاحقاً.

وبيّنت النتائج أن تقنيات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في تخطيط القلب قادرة على رصد هذه الفجوة بدقة عالية، من خلال تحليل إشارات كهربائية دقيقة لا يمكن للعين البشرية التقاطها. وتمتاز هذه التقنية بأنها غير تدخّلية ولا تتطلب إجراءات معقّدة، لكنها تمنح الأطباء نافذة مبكرة على الشيخوخة البيولوجية للقلب، ما يتيح اكتشاف عوامل خطر خفية وغير تقليدية مثل الضغوط المعيشية أو العوامل الاجتماعية التي قد لا تظهر في الفحوص الطبية الروتينية أو التحاليل التقليدية.

الضغوط المالية والغذائية في صدارة التأثير

وبيّنت التحليلات أن التداخل بين المحددات الاجتماعية للصحة كان العامل الأكثر تأثيراً في شيخوخة القلب مقارنة بعوامل الخطر السريرية المعروفة.

كما تبيّن أن الضغوط المالية وانعدام الأمن الغذائي كانتا الأكثر ارتباطاً بتسارع الشيخوخة القلبية لدى مختلف الفئات، سواء على مستوى عموم السكان أو عند تحليل النتائج بحسب الجنس.

ولم يتوقف الأمر عند شيخوخة القلب فحسب، إذ ارتبطت هذه العوامل أيضاً بارتفاع خطر الوفاة، في بعض الحالات بما يفوق تأثير عوامل تقليدية معروفة.

حدود الدراسة ودلالاتها المستقبلية

وأشار الباحثون إلى أن نتائج الدراسة قد لا تنطبق بالدرجة نفسها على جميع الفئات السكانية، نظراً لأن خوارزمية الذكاء الاصطناعي جرى التحقق منها داخل مايو كلينك، ولأن غالبية المشاركين ينتمون إلى فئة البيض غير اللاتينيين.

ومع ذلك، تؤكد النتائج أهمية إدماج البعد الاجتماعي في تقييم مخاطر أمراض القلب.

وفي ختام الدراسة، شدد الدكتور ليرمان على أن فهم الدور الحقيقي للمحددات الاجتماعية للصحة يمكّن الأطباء وصناع القرار من تصميم تدخلات وقائية أكثر دقة على مستوى المجتمع، والانتقال نحو رعاية صحية تتمحور حول المريض، تأخذ في الاعتبار الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تشكل، في كثير من الأحيان، الجذر الخفي لأمراض القلب.



Source link

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *