لماذا تقلق أوروبا من تنامي السياحة الصحية خارج دول التكتل؟


اعلان

يلجأ كثير من الأوروبيين إلى ما يعرف بـ”السياحة الصحية” أو “السياحة العلاجية” بفعل عوامل عدة مثل انخفاض التكاليف، وتوفير تجربة أكثر راحة، أوعدم توفّر بعض العلاجات محليًا، إلا أن هذا التوجه قد يحمل في طياته تهديدات صحية غير متوقعة.

في مقابلة مع يورونيوز، قال السياسي الإيطالي وعضو البرلمان الأوروبي ميشيل بيكارو (عن كتلة اليمين المحافظ في الهيئة التشريعية للتكتل) إن أعداد المواطنين الأوروبيين الذين يسافرون لتلقي العلاج في الخارج في تزايد مستمر، بفعل التكاليف المنخفضة مشيرا إلى أنهم يلجؤون إلى ذلك لتجنب الانتظار لفترات طويلة أيضاً، “ولكن غالبًا من دون إدراك كافٍ للمخاطر التي ينطوي عليها هذا الخيار”.

ودعا بيكارو إلى نقاش أوروبي واسع حول ضرورة تحديد الحد الأدنى من معايير السلامة والجودة، بما يشمل مرافق الرعاية الصحية خارج التكتل، وذلك لحماية المرضى من خلال تزويدهم بمعلومات أكثر شفافية حول التحديات والمخاطر المحتملة.

وفي السنوات الأخيرة، أصبحت دول مثل تركيا وتايلاند وكوريا الجنوبية وجهات مفضلة للراغبين بالعلاج، لما تقدمه من أسعار منخفضة وخدمات مشابهة لتجارب الفنادق الفاخرة.

من جهته، قال النائب الأوروبي بيلي كيلير (أيرلندا) خلال جلسة نقاش برلمانية: “تتزايد كلفة الرعاية الصحية ويصبح الحصول عليها أمرًا صعبًا في بعض البلدان الأوروبية. لذا، من الطبيعي أن يسعى بعض المواطنين للحصول على أفضل قيمة وجودة ممكنة مقابل أموالهم، وفي الوقت المناسب، حتى لو كان ذلك خارج الحدود”.

ولكن مزايا العلاج في الخارج غالبًا ما تخفي وراءها مشاكل حقيقية، خصوصًا فيما يتعلق بمرحلة ما بعد العلاج والآثار الجانبية التي قد تظهر بعد العودة إلى بلدانهم الأصلية.

فاتورة “العلاج الرخيص”: مضاعفات ومخاطر صحية

شهد الاتحاد الأوروبي حالات عديدة لمرضى خضعوا لعلاجات خارج الاتحاد الأوروبي وعانوا بعد عودتهم من مضاعفات صحية خطيرة. ففي آذار/مارس 2023، سجّل المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها (ECDC) 87 حالة تسمم غذائي ناتجة عن حقن البوتولينوم العصبي (BoNT) داخل المعدة، أو ما يُعرف بـ”البوتوكس”، وقد أجريت جميعها في تركيا.

وتروّج العيادات الخاصة في تركيا لهذه العلاجات بأسعار تقل غالبًا إلى النصف مقارنة بالتكاليف في أوروبا، وهو ما يشجع الكثير من المرضى على اتخاذ هذا الخيار.

ولكن بحسب التحذيرات، فـ “غالبًا ما يعود المرضى مقتنعين بأنهم حصلوا على العلاج المطلوب بنصف التكلفة، غير أن انتكاسات خطيرة تظهر بعد نحو ستة أشهر، ما يتطلب علاجات أكثر تعقيدًا وكلفة”، بحسب ما ورد في النقاشات داخل البرلمان الأوروبي.

وتبرز إشكالية إضافية أيضًا تتعلق بعدم توفر السجلات الطبية الحديثة الخاصة بالعلاج الذي أُجري خارج الاتحاد، ما يعرقل متابعة الحالة عند العودة. وفي السياق ذاته، حذّر مفوض الصحة في الاتحاد الأوروبي، أوليفر فارهيلي، من اعتماد المرضى على عيادات موجودة في دول ثالثة لا تطبّق المعايير الأوروبية نفسها.

وقال خلال جلسة للبرلمان في مدينة ستراسبورغ: “في كثير من الحالات، وعند حدوث خطأ طبي مثلا، لا تتوفر سوى وسائل قانونية محدودة، أوهي غير موجودة أصلًا، ما يعرّض المرضى لممارسات غير منظمة”.

وأضاف أن المنشآت الصحية في الاتحاد الأوروبي تلتزم بلوائح صارمة في ما يخص الصحة والسلامة، وهو ما يضمن جودة العلاجات، بعكس ما هو معمول به في كثير من الدول خارج التكتل، حيث تختلف التشريعات والمعايير بشكل كبير.

رعاية عبر الحدود… وقواعد “غير مفعّلة”

يوفّر الاتحاد الأوروبي إطارًا تشريعيًا يسمح للمواطنين باللجوء إلى العلاج الطبي خارج بلدانهم، ولكن ضمن دول الاتحاد فقط، وذلك من خلال “توجيه الرعاية الصحية عبر الحدود”، إلا أن التطبيق العملي لهذه التوجيهات ما زال يعاني من عدم التنسيق.

وقال توميسلاف سوكول (كرواتيا/حزب الشعب الأوروبي): “تسمح هذه التوجيهات للمرضى في دول الاتحاد الأوروبي بتلقي العلاج في بلدان أعضاء أخرى، لكن القواعد لا تزال معقدة للغاية، ولا تُفعل بالشكل المطلوب في كثير من الحالات”.

وأوضح أن كثيرًا من المرضى يجهلون حقوقهم أو يجهلون كيفية الاستفادة من هذه التوجيهات، داعيًا المفوضية الأوروبية إلى تبسيط القواعد وتسهيل الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية عبر الحدود.



Source link

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *